]بسم الله الرحمن الرحيم
أن من أعظم اسباب زيادة الآيمان التفكير فى مخلوقات الله تعالى وأياته الباهرات التى تدل على عظمته ووحدانيته سبحانه وتعالى,فقد سماها الله أيات, يعنى:علامات ودلالات تدل على عظمه الخالق, وعلى كمال قدرته, وذلك فى مثل قوله تعالى
ومن أياته الليل والنهار والشمس والقمر)(فصلت:من الآيه37)يعنى:من الآيات التى نصبهادليلا على عظمته.وقوله تعالى(وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمرة أن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون)(النحل:12).وقولهتعالى (ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا أليها وجعل بينكم مودة ورحمه أن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون.ومن أياته خلق السماوت والآرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم أن فى ذلك لآيات للعاليمن. ومن أياته منامكم بالليل والنهار وأبتغاؤكم من فضله أن فى ذلك لايات لقوم يسمعون .ومن أياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيى به الآرض بعد موتها أن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون)..(الروم:21-24)وقد دعا الله عز وجل عبادة للتفكير فى هذة الآيات التى أودعها كونه الواسع (أولم يتفكروا فى أنفسهم ما خلق الله السماوات والآرض وما بينهما الابالحق وأجل مسمى وأن كتيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون)(الروم :
(أولم ينظروا فى ملكوت السماوات والآرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد أقترب أجلهم فبأى حديث بعدة يؤمنون)(الاعراف:185)ونحو ذلك من الآيات القرأنيه التى تحث العباد على التفكير فى أيات الله تعالى ومخلوقاته.وأقرب شئ ألى الانسان نفسه ,لو تفكر فيها لرأى فيها الآيات والعجائب ,كما قال الله تعالى (وفى أنفسكم أفلا تبصرون)(الذاريات:21)
فمن توهم أن الله خلق السماوات مع عظمهاوارتفاعها وخلق الآرض لبعابدون أن يكون لذلك حكمه ,فأنه بذلك قد ظن السوء ,قال تعالى (وما خلقنا السماءوالآرض وما بينهما باظلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار)0ص:27)
قال الغزالى رحمه الله تعالى :"كثر الحث فى كتاب الله تعالى على التدبر والاعتبار والنظر والافتكار ,ولا يخفى أن الفكر هو مفتاح الآنوار ومبأ الاستبصار, وهو شبكه العلوم ومصيدة المعارف والفهوم , وأكثر الناس قد عرفوا فضله ورتبته ولكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدرة"
وصدق سفيان بن عيينه رحمه الله (أذا المرء كانت له فكرة ففى كل شئ له عبرة)
(التفكير أصل الخير)
قال أبن القيم رحمه الله تعالى:
"اصل الخير والشر من قبل التفكر,فان المبدا الارادة والطب فى الزهد والتراك والحب والبغض ,وأنفع الفكر الفكر فى مصالح المعاد وفى طرق اجتلابها وفى دفع مفاسد المعاد وفى طرق اجتنابها ...وراس (هذا)القسم الفكر فى ألاء الله ونعمه وأمرة ونهيه وطرق العلم به وباسمائه وصفاته من كتابه وسنه نبيه وما والاهما,وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبه والمعرفه ,فاذا فكر فى الآخرة وشرفها ودوامها, وفى الدنيا وخستها وفنائها أثمر له ذلك الرغبه فى الاخرة والزهد فى الدنيا, وكلما فكر فى قصر الآمل وضيق الوقت أورثه ذلك الجد والاجتهاد وبذل الوسع فى اغتنام الوقت .وهذة تعلى همته وتحييها بعد موتها وسفولها وتجعله فى واد والناس فى واد .وبأزاء هذة الآفكار الافكار الرديئه التى تجول فى قلوب اكثر الخلق كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه ,ولا اعطى الآحاطه به من فضول العلم الذى لا ينفع كالفكر فى كيفيه ذات الرب مما لا سبيل للعقول ألى ادراكه..."""""""
(الرسول يطيل التفكير)
لما سئلت أم المؤمنين عائشه رضى الله عنها عن اعجب شئ رأته من رسول الله صلى الله وعليه وسلم قالت :لما كانت ليله من الليالى قال"ياعائشه ذرينى اتعبد لربى"قلت: والله أنى لآحب قربك وأحب ماسرك.قالت فقام فتطهر ثم قام يصلى فلم يزل يبكى حتى بل لحيته ,قالت ثم بكى فلم يزل يبكى حتى بل الآرض , فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رأه يبكى قال :يارسول الله لم تبكى وقد غفر الله لك ماتقدم وما تأخر؟ قال :"أفلا أكون عبدا شكورا,لقد نزلت عليه الليله ايه ويل لمن قراها ولم يتفكر فيها (أن فى خلق السماوات والآرض واختلاف الليل والنهار لآيات لآولى الآلباب)(ال عمران:190)
وهذة أقوال الصالحين وأفعالهم
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى :الفكر فى نعم الله عز وجل من أعظم العبادة وقد بكى يوما بين أصحابه فسئل عن ذلك فقال:فكرت فى الدنيا ولذاتها وشهوتها فاعتبرت منها بها ,ما تكاد شهواتها تنقضى حتى تكدارها مرارتها, ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر أن فيها مواعظ لمن اذكر
وعن عامر بن قيس قال :سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثه من أصحاب محمد صلى الله وعليه وسلم يقولون:أن ضياء الآيمان أو نور الايمان التفكير.
وقال الحسن رحمه الله تعالى :تفكر ساعة خير من قيام ليله.
وعن عبد الله بن عتبه قال:سألت أم الدرداء:ما كان أفضل عبادة أبى الدرداء ؟قالت: التفكير والاعتبار.
ذكر الغزالى رحمه الله فى الاحياء أن لقمان كان يطيل الجلوس وحده ,فكان يمر به مولاه فيقول , يالقمان, أنك تديم الجلوس وحدك فلو جلست معا الناس كان أنس لك فيقول لقمان : أن طوال الوحده أفهم للفكر ,وطول الفكر دليل على طريق الجنه.
وكان ابن عباس رضى الله عنهما يقول:ركعتان مقتصدتان فى تفكر خير من قيام ليله بلا قلب.
وكتب الحسن رحمه الله تعالى ألى عمر بن عبد العزيز يقول: اعلم أن التفكير يدعو ألى الخير والعمل به ,والندم على الشر يدعو ألى تركه , وليس مافنى وأن كان كثيرا يعدل ما بقى وأن كان طلبه عزيزا ,واحتمال الؤونه المنقطعه التى تعقب الراحه الطويله خير من تعجيل راحه منقطعه تعقب مؤونه باقيه.
وقال وهب بن منبه : ماطالت فكرة امرئ فط الآعلم , وما علم امروء قط الآ عمل .
وقال الشافعى رحمه الله تعالى :استعينوا على الكلام بالصمت وعلى الاستنباط بالفكر .وقال صحه النظر فى الآمور نجاة من الغرور ,والعزم فى الرأى سلامه من التفريط والندم ,والرؤيه والفكر يكشفان عن الحزم والفطنه ,ومشاورة الحكماء ثبات فى النفس , وقوة فى البصيرة ففكر قبل أن تعزم ,وتدبر قبل أن تهجم ,وشاور قبل أن تقدم .
وورد عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال : الفكر مراة تريك حسناتك وسيئاتك.
وقال سليمان رحمه الله : عودوا أعينكم البكاء وقولوبكم التفكير.
ونختم حديثنا عن التفكير كسبب من أسباب زيادة الآيمان بقول الامام ابن القيم رحمه الله تعالى :" أنفع الدواء أن تشغل قلبك بالفكر فيما يعنيك دون مالا يعينك , فالفكر فيما لا يعنى باب كل شر , ومن فكر فيما لا يعينه فاته ما يعينه واشتغل عن أنفع الاشياء له بما لا ينفعه له فيه , فالفكر الخواطر والارادة والهمه أحق شئ بأصلاحه من نفسك ,فان هذة خاصتك وحقيقتك التى لا تبتعد ولا تقترب من ألهك ومعبودك الذى لا سعادة لك الا فى قربه ورضاه عنك الآ بها , وكل الشقاء فى بعدك عنه وسخطه عليك , ومن كل فى خواطره ومجالات فكرة دنيئا خسيسا لم يكن فى سائر أمرة الا كذلك.
نسال الله الكريم من فضله , والحمد لله رب العالمين.
أتمنى من الله الموضوع يعجبكم واكون اقدمت ليكم حاجه تفيدكم