الايروسيه والحداثه والاستخفاف بدين الاسلامى

الإيروسية والحداثة


وكما أن مصطلح الحداثة وما بعد الحداثة جاءا لإحداث ثقب في منظومة القيم النمطية الموروثة ولاسيما الدينية منها لا يقل خطورة عن ثقب الأوزون، كذلك جاء الأدب والشعر الإيروسي ليحدث ثقبا في المنظومة ذاتها وكأنه يريد أن ينحو بها إلى أصلها الجاهلي الأول وقيمها الشركية الأولى.

إن الرتابة المملة التي يعيشها الإنسان العربي في مجتمع قائم على الرتابة والنمطية ربما تكون ما دفع الشعراء من الجنسين للتعلق بأهداب الإيروسية عل فعلهم يحدث عصفا ذهنيا عندالمتلقي يدفعه لأن يرفعهم مقامات فوق منزلتهم ليشار لهم بالبنان. فالشعور بالإحباط والعزلة، يدفع الشاعر تلقائيا للبحث عن انتصار ما، يفارق بواسطته الإحباطات الحياتية اليومية المتكررة، وبالتالي أراه وجد ضالته في الجنس والمفردات الجنسية وبات يوظفها في عمله ليستدر بها عطف الآخرين، أو يحقق من خلالها غاياته وبعض أحلامه.

وهو الأمر الذي أعترف به أحد الذين كتبوا تحت عنوان: (القصيدة أمُّ العالمْ ... والجنة تحت قدميْها) قائلا: من هنا، آمنتُ بأن الشعر هو جنة هذا العالم، ومن هذا المنطق، سيكفّ الشعراء عن كونهم " يقولون مالا يفعلون "، وسيتعطل الناموس القبيح القائل بأن " أعذب الشعر أكذبه "، وسيتحرك العالم صوب شكلٍ أكثر عدالة ومنطقية، سيصبح الصدق هو المنطلق الجماليّ للقصيدة، وسيصبح الشعراء أكثر قرباً من ذواتهم و.. فكيف لا يكونُ ذلك، إذا كانت القصيدة تكتبُ وهي تحملُ في أبسط سماتها الظاهرة ثورة ضدّ الأشكال المفروضة، القصيدة، بشكلها هذا، تعيدُ ترتيب العالم، تعيد صياغته، تكوننا بقدر ما نكونها، تنسابُ برشاقة إلى وعينا(ولا وعينا أيضاً)

ولكي لا أكون متجنيا أو قاسيا في أحكامي، وكذلك لكي لا يتهمني رواد الأدب الإيروسي بالكذب عليهم، أورد مثالا واحدا للتأكيد على المقصد الحقيقي للإيروسية وأعتذر مقدما لأني استخدمت هذا الأنموذج الداعر والمتهتك الذي أجده يتنافى مع الذوق والأخلاق والقيم، إذ قرأت لشاعر اسمه عماد حبيب قصيدة عنوانها

(القصيدة الايروسية) يقول فيها:

لبيّك يا إيروس لبيّك

لبيّك يا إلاه العشق لبيّك

إنّ الدهشة

و المتعة

لك و الجنس

و أناااا

شريك لك

***

من أنت؟

تسأل و تطعن بالسؤال الطائفات

من أنت؟

و تهرب من طواف العاريات

من الذنوب كما قلن

و من أثواب مدنّسات

ما جئت لحج البيت لكن

لأمسح دمع الباكيات

دون ذنب

سوى اقتراف الحب

في محراب الرب.

قد جئتك يا أساف

من زمن السواد

لفّوا به جدران الكعبة المشرّفة

و من زمن الرماد

قد نثروه على عيون الجموع المغيّبة

قد جئتك من زمن لا تعرف به العباد

نائلة

لا تؤمن بك ربا

و بها للعشق و الولادة آلهة

لبيّك

يا إيروس العربيّ لبيّك

فقصّ عليهم حكاية إيروس

الحزينة الخالدة

لست سوى

رجع الصدى

لأفئدة الخطايا الحارقة

قد جاءني جبريل

ذات أصيل

و لست النبوّة أبغي

بل نبض لهاث الآلهة

جبريل يا جبريل

كم كذب هو التنزيل

دعك من صلف البلاغة

و هات خمرا من نخيل

نور لظلمة الأحشاء

يسري كسفن للرحيل

دعك من نوحك يبني

سفنه أو مقاما للخليل

قد رفعت سمائنا اليوم

أوجاع أجسادنا خمرا

تسيل

و رفعت نائلة ساقيها

جبريل يا جبريل

لا من يدثّرني الليلة

و ليس لغير نائلة أميل

فافتح لها الأبواب

تأتيني نورا

و شراعا للرحيل

***

في الكعبة كان يوم الملتقى

و الكعبة بيت ربّ من خلق الهوى

جئنا لحضرة الآلهة

بجسدين مشقّقين

و لهاث عطش الرغبة و الحياة

أساف أقبل

قالت

هل تحسّ بنبض الروح في نهدي؟

مدّ يديك إليّ مد

قد عطشا لمائك الآن

فأروني

و ألثم بثغرك كلّ شبر

و عضّ قليلا على وسط خصري

و أدخل بنانك بزهر بضري

لتذوق قليلا رحيق عسلي

و أخبرني بهمس رضابك فوق ثغري

هل انتصب أليفك تحت بطني؟

****

قد سرت الدماء بكلّ شبر

و انتصبت خيولي

خذيه بين يديك ليروي عطش نهديك

أدخليه بكل رفق بين شفتيك

و اهمسي له أريدك في رحمي

و دعيني أفتح خارطة الجسد و البحر

و استسلمي لمد المد و جزر الجزر

تعالي لأرفعك فارسة فوق فرجي

و قدّسي أصالة دماء خيلي

أبغي الألوهة و نشوة البعثِ

و أنت اليوم سديم الكونِ

لبستها و أنبعثنا

فنحن من يومها آلهة

هذا ما كان

و أمّا النهايات الحزينة الخالدة

فقد خرجنا من جسدينا للملكوت

زفّتنا الملائكة للموت

و صار حسن جسدينا

رخاما دافئا

ألحقنا بجنس الآلهة

و كنّا أرباب الحب و الخصب

قلب أن يحلّ الظلام

وأنا هنا لا أعترض على صياغة القصيدة التي جاءت على نمط تلبية يؤديها المسلمون في واحدة من شعائرهم المقدسة التي يعتزون بها فذلك له مكان ومبحث آخر يكتب بأسلوب آخر، لكني أقول: إذا كانت الايروسية بهذا المعنى وهذه الدرجة من التهتك الأخلاقي الذي يتجاوز على قيم ومباديء مليار ونصف المليار من المسلمين فهي أقرب للتجديف والكفر منها للأدب والشعر ومجرد التفكير بطريقة كهذه يعني الخروج على الآداب الدينية بشكل لا مبرر له ولا يمكن قبوله، وهو لا يقل تخريبا عن عرض فلم إباحي أمام طلاب المدرسة الإعدادية المراهقين، وإذا كان الفلم حركة ففي كلمات هذا الشاعر أوصاف تشبه تلك الحركة وتتفوق عليها ولها قوة جذب وتأثير تفوق قوة الصورة وحركتها.

إن في هذا الفعل عودة لعصر الطغيان والجهل، وفيه نفس يدل على أنه مستقى من تهتكية تلك العصور، وهو خال من التأصيل لأنه مستنسخ أصلا من الفعل الأول والدليل ما جاء عن عمرو بن أبي ربيعة أحد شعراء الدولة الأموية الذي كان يرى موسم الحج فرصة للمجون والتهتك وكان يخرج كل شبقه ويترجمه قصائد إيروسية ويتمنى أن تكون الأيام كلها مواسم للحج لكي يشبع نزواته الماجنة حيث جاء عنه قوله:

ليت ذا الدهر كان حتما علينا كل يومين حجة واعتمارا.

وله في موسم الحج أيضا:

قف بالطواف ترى الغزال المحرما حج الحجيج فعاد يقصد زمزمـا

عند الطـواف رأيتهـا متلثمـة للركن والحجـر المعظـم تلثمـا

أقسمت بالبيت العتيـق لتخبـري ما الاسم قالت من سلالـة آدمـا

الاسم سلمـى والمنـازل مكـة والدار ما بين الحجـول وغيلمـا

قلت عديني موعـداً أحظـي بـهي أقضي به ما قد قضاه المحرمـا

فتبسمت خجلاً وقالت يـا فتـى أفسدت حجك يا مُحـل المُحرمّـا

فتحرك الركن اليمانـي خشيـةً وبكا الحطيم وجاوبتـه زمزمـا

لـو أن بيـت الله كلّـم عاشقـاً من قبـل هـذا كـاد أن يتكلمـا

حيث يبدو عمر بن أبي ربيعة في قصيدته هذه قديسا مقابل هذا الشاعر العصراني المتهتك الذي طعن المسلمين بواحدة من أعز عقائدهم.



لا جنس للتهتك

لا المنظومة الدينية ولا المنظومة الحضارية الدنيوية تساهلتا مع الانحراف ولا يوجد فيهما ما يبدو وكأنه يبيح للرجل فعلا لا أخلاقيا ولا يبيحه للمرأة كونها أنثى فالمنع والإباحة كلاهما يشملان الجنس الإنساني بشقيه الرجالي والنسائي وفي القرآن الكريم أمثلة كثيرة على ذلك جاء الخطاب فيها ذكوريا ولكنه كان يقصد الجنسين بنفس الدرجة. ومن هذا المنظور حرمت القيم والشرائع الابتذال والتهتك على الجنسين، نعم حرمته على الرجل يوم حرمت عليه التطرق للأمور الفاحشة في قوله للشعر يوم كان الشعر مقصورا أو شبه مقصور على الرجال فما بالك بالأنثى التي أصبحت اليوم تتماهى مع الرجل في قول الشعر وفي الأدب؟

ولم يقتصر أمر التهتك الفاحش على الشعر وحده إذ تعداه إلى النثر أيضا، وقد كتب الدكتور جميل حمداوي تحت عنوان (الرؤية الإيروسية) عن مجموعة كتاب من منطقة الريف الواقعة في الشمال الشرقي من المغرب وقال عن أكثرهم أهمية برأيه وهو عبد الحكيم امعيوة: أنه تميز عن أقرانه الروائيين بالرؤية الإيروسية الشبقية، وسرد مواضيع الحب والتجارب الغرامية الخليعة كما في روايته الأولى (بعيدا عن بوقانا) بيد أن الكاتب لم يصل في عبثيته الجنسية إلى الرؤية البورنوغرافية التي نجدها لدى محمد شكري في روايته (الخبز الحافي) التي تأثر فيها بالكاتب الإيطالي "ألبرتو موراﭭيا". ويعني هذا أن عبد الحكيم امعيوة اختار أسلوب الإضمار والتكنية والإشارة والتلميح، في حين اختار محمد شكري أسلوب التوضيح والتفصيل والتصوير الجنسي المباشر.

لا يخفى أن الكتابة الإباحية استفزازية بطبيعتها لأن الجنس بطبيعته عنصر استفزاز للنفس البشرية، وإذا لم تكن الخطيئة البشرية الأولى جنسية فإن الأعم الأغلب من خطايا البشر عبر تاريخهم الطويل كانت جنسية أو بدوافع جنسية بالتأكيد، وأي تشجيع على تعميم هذه الثقافة الاستفزازية يعد حربا على الشرائع السماوية التي تسعى لترتيب الحياة الفردية والمجتمعية، وتشجيعا لارتكاب الخطايا والوقوع فيها، وتخريبا لمنظومة الأخلاق، وتشجيعا على ارتكاب جرم البغاء والإباحية بكل ما تمثله من امتهان للمراة قبل الرجل.



علاقة إيروس بالأدب

السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يعد التمادي في الحديث عن الجنس سواء كان شعرا أم نثرا واستخدام التوصيف التفصيلي للتجارب والممارسات الجنسية أدبا مثله مثل الآداب الأخرى؟ أم أنه إثارة لنعرات وسياسات تفضي لمشاكل قد تقوض المجتمع وبالتالي لا يمكن عده ضمن الأغراض الأدبية إلا إذا اعتبرنا الأعمال الأدبية التخريبية كبيانات القاعدة وصور الذبح من ضمن الأدب.؟

نعم الأدب اقتحم أخطر النقاط حساسية في الفهم الإنساني وتناغم مع همسات الروح الإنسانية واستجاب لآهاتها، ولكنه تناول كل ذلك بشكل يتساوق مع الذوق المجتمعي العام، فالقرآن نفسه في جانبه الأدبي ـ والقرآن يبدو للمتذوق في قمة الأساليب الأدبية المعروفة وغير المعروفة ـ القرآن مع قدسيته الكبيرة فيه إشارات لهذه الحساسية، ولكنها إشارات في منتهى الأدب والرفعة والتعالي، منها قوله تعالى (أو لمستم النساء) حيث كنى عن المعاشرة الجنسية باللمس، واللمس يعني الشعور، يعني الحياة، يعني القدرة على الإحساس بالآخرين والتأكد من وجودهم. وتجد في الحديث النبوي قول رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله) لأحد أصحابه: ( إلا أن تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها) لوجوب اتصالهم جسديا قبل إباحة التطليق، وهو توصيف إبداعي رائع وبعيد جدا عن المناهج الايروتيكية والايروسية، وهو رغم روعته وتساوقه مع النفس الطبيعية الإنسانية أدى الغرض المطلوب منه على أكمل وجه.



لماذا الإيروسية إذا؟

قد يبدو هذا السؤال على قدر كبير من السذاجة في عصر منفتح على كل الاحتمالات، حيث المراهنات تجاوزت حدودها الشخصانية لتلامس حدود الذات الإلهية، وحيث تغيرت المثل والقيم والعادات والتقاليد والثقافات،وحيث ارتفعت دعوات المساواة المطلقة بين الجنسين دونما إلتفات للفروق الجسدية والتشريحية والتكوينية والجندرية وغيرها، وارتفعت معها دعوات رفض الموروث الديني وتقييداته، وارتفعت معها كذلك الدعوات الساخنة لاستغلال كل ما هو متاح في الوجود لخدمة الإنسان الحاضر دون إلتفات لمصادره وتأثيراته، ومنها الدعوة التي تقول: ما دام الجنس موجودا في حياتنا‏، فلا ينبغي حرمان الأدب من التعاطي معه.وكأن أصحاب هذه الدعوة يغفلون أن في الحياة أيضا سرقة، وشرب خمر، وسلب حقوق، وتهجير، وذبح على الهوية، وتكفير، واحتلال بلدان، وعبودية، واستلاب، وتسليع للجنس ومتاجرة به، وهي كلها موجودة في حياتنا وتمارس فعليا فهل يعني وجودها أنه لا ينبغي حرمان الأدب من التعاطي معها كذلك أو حرمان الناس من التعاطي بها؟ وهل يوجد في منظومات القوانين السارية في العالم كله مثل هذا التجويز العبثي؟

إن دعاة الإيروسية لم يتوصلوا لحد الآن إلى أسس منطقية يمكن اعتمادها سببا لتجويز تناول الإيروسية والتهتك أغراضا في الشعر والنثر ولذا تراهم يتخبطون فيرى أحدهم وهو الكاتب إبراهيم فرغلي في موضوعه المعنون ( الجنس في الأدب العربي‏، أزمة كتابة أم أزمة مجتمع؟ ) المنشور في مجلة ديوان العرب في 24/5/2007 على موقعها الالكتروني : أن الجنس في النهاية رغبة عادية ومشروعه لدي كل الناس وتتم ممارستها من قبل الجميع وفقا للثقافة السائدة‏،‏ فلماذا يتم تحريمها فقط في الكتابة؟‏!‏

وهو رأي خاطيء وخال من المصداقية ولا يعتد به فالجنس لم يكن عبر تاريخه الطويل الذي رافق الوجود الإنساني منذ بداياته رغبة عادية أو مشروعة بالشكل المباح البعيد عن الضوابط القيمية والأخلاقية الذي يتحدث عنه الكاتب. فللجنس ضوابط في كل الحضارات قديمها وحديثها، ولو كانت ممارسته مباحة للجميع بدون ضوابط وقواعد لما حضي بكل هذا الاهتمام ولكان قد تحول إلى مجرد ملهاة وعادة من العادات الروتينية اليومية مثلها مثل الأكل والشرب والذهاب إلى النوم أو إلى المرافق الصحية وغيرها. وحتى لو افترضنا صحة هذا الطرح فهل مطلوب منا الترويج للفعل الخاطيء أم التصدي له ومحاربته وتحذير الناس منه؟

وفي كتابه (أزمة الجنس في القصة العربية) تتبع الدكتور‏.‏ غالي شكري تاريخ كتابة الجنس في الأدب العربي ودرجة الإباحة والترميز التي يستخدم بها الجنس في هذا الأدب فأكتشف أن لوضع المرأة المجتمعي تأثيره على نوع التناول الأدبي فكلما انخفضت مكانة المرأة ومستواها المجتمعي زاد التعبير والتصريح عن الجنس بدون ترميز أو تشفير، والعكس صحيح كلما سمت مكانة المرأة كثر الترميز والابتعاد عن المباشرة وتم اللجوء للتشفير وكأن الترميز أكثر احتراما لها، وهذا يعني أن تفشي وباء الإيروسية في الأدب الحديث واستفحال ظاهرة الأدب النسوي الإيروسي يدلل بالتأكيد على انحطاط مكانة المرأة المعاصرة وتدني منزلتها الاجتماعية إلى المستوى الذي دفعها لتكتب بنفسها وبدون ترميز أو تشفير عن أمر بهذا المستوى المتدني الخال من أي نوع من الفخر والاعتزاز.

وهناك من حاول الالتفاف على الواقع من خلال الربط بين تفشي الظاهرة الإيروسية في الأدب العربي المعاصر وظواهر مجتمعية أخرى حسب قاعدتي "العلة والمعلول" و "الأسباب والمسببات" فأدعى أن سبب تنامي الإيروسية في الأدب العربي المعاصر إنما جاء ردة فعل على تفشي ظواهر منحرفة أخرى، وحول هذا الربط الذي يبدو مستحيلا حتى في منهج الجدل الأفلاطوني قال الكاتب العربي كمال أبو ديب في بحثه المعنون (اللحظة الراهنة للشعر) المنشور في مجلة فصول، المجلد/15 العدد/3 القاهرة، خريف 1996 :إنه لمن الشيق والجميل المثير أن شعر الجسد والحسية الشهوانية ينتشر مع تصاعد موجة الأصولية الدينية والقمع الأخلاقي والفكر الذي تفرضه، تماما كما كان شعر الرفض والحرية ومجابهة القمع السياسي قد ازداد حدة وانتشارا مع ازدياد القمع السياسي، ووصول الأنظمة الإرهابية العربية إلى ذروة تجبرها وسحقها للحرية والفكر.


وهذا التخبط يعني أن القائمين على الإيروسية العربية والمدافعين عنها وممارسيها من الرجال والنساء لا يعرفون حقيقة الدوافع التي تقف خلف تفشيها وتحولها إلى ظاهرة أدبية. فالمعروف أن الخطأ لا يعالج بالخطأ والانحراف لا يقوم بالانحراف ولذا يستحيل على التهتك الأخلاقي أن يعالج ظاهرة التطرف الديني أو يحد منها لأنه يعطي المتطرفين دوافع جديدة للتشدد والتطرف أكثر واكثر



الخلاصة

الذي أعتقده وأؤمن به أن ظاهرة الشعر الإيروسي النسوي التي فشت في الأدب العربي المعاصر تعود أسبابها لحالة التنافر الشديد بين المفاهيم الدينية الموروثة والقيم الأخلاقية المجتمعية المتزمتة من جهة، وبين الروح المتمردة العلمانية غير الدينية (وأنا هنا أتحدث بصراحة لأن هنالك بين العلمانيين من هو ديني) التي فشت في مجتمعاتنا نتيجة التأثر بالثقافات الواردة والمعتقدات التحررية التي روج لها الفكر الغربي خلال المائة سنة الماضية، والتي لم تجد بين المفكرين العرب ولا المؤسسة الدينية من يتناولها بالتحليل والدراسة التي تتساوق مع منهجها البحثي، وهي بحالتها هذه أو بأي حالة جديدة أخرى ممكن أن تظهر بها مستقبلا لا تزيد عن كونها تغريبا مقصودا غايته تدمير المنظومات الفكرية والأخلاقية التي تقود المجتمعات العربية والإسلامية. وهي جزء من منظومة تخريبية كبيرة ومتشعبة يجري بثها في مجتمعاتنا كجانب من جوانب حرب شرسة تهدف إلى تقويض بنائنا وتشييد بناء جديد زجاجي الحيطان بما يسمح للرقيب أن يدقق في أبسط مفردات حياتنا، ومفاتيح أبوابه موجودة لدى الرقيب ذاته ليحصي علينا تحركاتنا.

وأخيرا أجد أن الأدب الإيروسي عبارة عن كتابة بالجسد بسبب تلاشي إبداع الكتابة بالقلم، حاله حال غناء العرب اليوم الذي تحول إلى غناء بالجسد بعد أن تلاشى الإبداع ولم تعد هناك حناجر صادحة. ومن يبغي المقارنة بين الاثنين لا يحتاج إلى جهد جهيد بل يكفيه أن يستمع وينظر إلى فيديو كليب اغنيتين (وأنا هنا لا أشجع على الغناء ولا أحث على ذلك لأني لا استمع للغناء وأراه لغوا) واحدة لأم كلثوم والثانية لهيفاء وهبى
اعلم انى طولت كثير بس لكى نعرف اينا نحنو نعيش

يسلموووووووووووووو
وربنا يستر عليناوعلى دينا

الى مزيد من التالق يا احمد

لا حول ولا قوة الا بالله
يسلموووووووووووووووووو احمد علي الموضوع الي مزيد من التالق
يريت تقبل مروري